الوقف فكرة تنطلق من قلب صاحبه، لكنها لا تؤتي ثمارها إلا حين تتحول إلى مشروع مدروس، مكتوب بإتقان، وموثق لدى الجهات المختصة.
ومن خلال خبرتي العملية، رأيت أوقافًا تحولت إلى نماذج ناجحة، وأخرى توقفت أو ضعفت بسبب غياب التخطيط أو الصياغة السليمة.
هذا المقال يرسم لك خريطة مختصرة وواضحة، تبدأ من النية الصادقة وتنتهي بصك وقفي يحمي المال ويُحقق الأثر.
النية ليست مجرد شعور داخلي، بل هي قرار واعٍ يحدد الهدف والمجال والأثر.
قبل أن تكتب وثيقتك، اسأل نفسك:
النية الواضحة تختصر كثيرًا من القرارات وتمنحك وضوحًا في اختيار العين، وتحديد المصارف، وصياغة الشروط.
العين هي أصل الوقف، وهي ما يُحبس لينفق ريعه في المصارف المحددة.
يشترط أن تكون:
الأمثلة كثيرة: عقار، أسهم، أموال نقدية، معدات، أو حتى حقوق فكرية.
المصرف هو الوجهة التي يصل إليها ريع الوقف. وقد يكون:
القاعدة هنا أن يلتزم المصرف بالشريعة، وأن يُصاغ بمرونة تتيح التكيف مع التغيرات، مع تحديد آلية واضحة للصرف.
شروط الواقف هي خارطة الطريق للناظر، وهي تُحترم ما دامت تحقق مصلحة الوقف وتوافق الشريعة.
قد تتعلق الشروط بآلية الإدارة، أو نسب التوزيع، أو طرق الاستثمار.
والأفضل أن تُكتب بوضوح، مع تجنب التفاصيل المفرطة التي قد تقيّد الوقف أو تعيق تطويره مستقبلًا.
الناظر هو المسؤول عن تشغيل الوقف وتنفيذ شروطه.
اختيار الناظر خطوة حاسمة، ويُستحسن أن يكون:
يمكن أن يكون الناظر فردًا أو مجلسًا أو جهة اعتبارية، مع النص على ناظر بديل لضمان الاستمرارية.
هنا تتحول الفكرة إلى كيان قانوني.
الصياغة المحكمة تشمل:
أما التوثيق، فهو ما يمنح الوقف حمايته القانونية ويجعله نافذًا.
الوقف ليس قرارًا عابرًا، بل مشروع حياة يمتد أثره بعد الرحيل.
من نية واضحة، إلى اختيار العين، وتحديد المصارف، وصياغة الشروط، واختيار الناظر، ثم التوثيق… كل خطوة تصنع الفارق بين وقف ناجح يثمر عبر السنين، وآخر يتعثر قبل أن يؤدي رسالته.
الوقف الذي يُخطط له بعناية ويُدار بوعي … هو الذي يترك الأثر الباقي.
✍🏼 د. عبدالله بن علي العجلان
محامٍ، ومحكم، ومدرب معتمد
مستشار التطوير والتمكين للإدارات القانونية والشركات
رؤية ثلاثية تجمع بين (القانون، والقيادة، والحياة)
📱 +966503140401 (واتساب)