مهارات التحليل القانوني: كيف تصنع قراءتك فرقًا؟

التحليل القانوني ليس مجرد مهارة ذهنية، بل هو أداة استراتيجية تمنح صاحبها القدرة على فهم النصوص والتعاميم والأحكام القضائية بعمق، والتعامل معها بفعالية سواء كنت محاميًا أو باحثًا أو مسؤولًا قانونيًا.

في هذه المقالة، أشارك معك خلاصة ثلاث مهارات تحليلية مركزية تناولناها في إحدى الدورات التدريبية، مع تبسيطها في شكل أدوات عملية يمكن الرجوع إليها وتطبيقها بشكل مباشر.


أولًا: تحليل القرارات والتعاميم

عند التعامل مع قرار إداري أو تعميم رسمي، لا تكتفِ بقراءته بل اسأل نفسك:

  1. ما المرجعية النظامية؟
    هل صدر القرار استنادًا إلى نظام أو لائحة واضحة؟ وهل الجهة مصرح لها بإصداره؟
    يساعدك ذلك على تحديد مدى مشروعية القرار، أو إمكانية الاعتراض عليه نظامًا.
  2. ما تاريخ القرار؟
    التاريخ يحدد ما إذا كان القرار ناسخًا أو منسوخًا، ويؤثر في مدى سريانه.
  3. ما مضمون التكليف؟
    حدد بدقة ما المطلوب تنفيذه بموجب القرار، وما إذا كان ذلك من ضمن صلاحياتك.
  4. من الأطراف المعنية؟
    هل يشملك التعميم أو القرار بشكل مباشر؟ أم أنه موجه لفئة أخرى؟

ثانيًا: تحليل الأحكام القضائية

لكي تفهم حكمًا قضائيًا بشكل سليم، أو تكتب لائحة قوية، استخدم هذا التسلسل التحليلي:

  1. الصفة:
    • ما المحكمة المختصة؟ من القاضي؟ من هم أطراف الدعوى؟ وهل يمثلهم وكلاء؟
    • هل تم التأكد من صلاحيات كل طرف في الترافع و المطالبة؟
  2. الدعوى:
    • ما مصلحة المدعي؟ هل الدعوى محررة بصيغة واضحة؟ ما هي طلباته تحديدًا؟ هل بينها ترابط؟ 
  3. إجابة المدعى عليه:
    • هل إجاب المدعى عليه على الطلبات بشكل مباشر؟ وهل كانت إجابته ملاقية للدعوى؟
  4. الإثبات:
    • ما وسائل الإثبات المستخدمة؟ (إقرار، شهادة، كتابة، قرائن، يمين).
    • كيف وُزِّع عبء الإثبات على الاطراف، وهل التزم القاضي بمنطق الإثبات النظامي؟
  5. التقدير:
    • كيف قيَّم القاضي الإثبات؟ وما الجهة التي أصدرت القرار؟ وما إجراءاته؟ وهل هي مختصة بذلك؟ 
  6. الحكم:
    • هل الأسباب شرعية ونظامية؟ وهل النتيجة تتفق معها؟
    • ماذا يقول منطوق الحكم؟ وما إمكانية الاستئناف؟

هذا الترتيب المتسلسل لا يُستخدم فقط للفهم، بل أيضًا كأداة فحص دقيقة عند إعداد الاعتراض أو مراجعة الأحكام.


ثالثًا: تحليل الأنظمة واللوائح

عند قراءة مادة نظامية، لا تقف عند ظاهرها، بل اسأل:

  1. من هم الأطراف المعنيون بها؟
  2. ما التزاماتهم؟
  3. ما حقوقهم؟
  4. ما الإجراءات الواردة؟
  5. ما الذي يُفهم ضمنًا ولم يُذكر نصًا؟

أحيانًا، تحتوي عبارة واحدة على التزام وإجراء وحق في آنٍ واحد، لذلك كن دقيقًا في قراءتك، فالنصوص ليست دائمًا صريحة بالكامل.


ختامًا

في عالم اليوم، لا يكفي أن نقرأ النصوص النظامية أو الأحكام القضائية، بل ينبغي أن نُحللها ونفككها ونفهم سياقاتها.

مهارة التحليل القانوني ليست فقط سلاحًا للمحامي، بل هي أداة للباحث، والقاضي، والمستشار، والقيادي القانوني. استثمر وقتك في تطوير هذه المهارات، وستجد أنك أصبحت أكثر وعيًا، أكثر دقة، وأكثر تأثيرًا في بيئتك القانونية والمهنية.


"القيادة القانونية.. مهارات تتخطى الإطار"


✍️ د. عبدالله بن علي العجلان

محامٍ، ومحكم، ومدرب معتمد

مستشار التطوير والتمكين للإدارات القانونية والشركات

رؤية ثلاثية تجمع بين (القانون، والقيادة، والحياة) 

📩 Dr.alajlan@3a.sa

📱 +966503140401 (واتساب)

🌐 www.dr-alajlan.com