من أكثر ما يسرق طاقة الإنسان وراحته أن يعيش في سباق المقارنات، يراقب ما يملكه الآخرون، ويقيس نجاحه بميزان لا يخصه. هذه المقارنات تضعك في معركة خاسرة منذ البداية، لأنها لا تأخذ في الحسبان اختلاف الظروف، والفرص، والقدرات، والأهداف.
المقارنة الصحيحة هي أن تلتفت إلى نفسك بالأمس، فتسأل: هل أنا اليوم أفضل علمًا؟ أفضل خُلقًا؟ أكثر إنجازًا؟
هذه المقارنة الوحيدة التي تدفعك إلى الأمام دون أن تحرمك من الرضا، لأنها قائمة على تطوير الذات لا على مضاهاة الآخرين.
حين تقارن نفسك بنفسك، تصبح أنت المعيار، وتصبح كل خطوة تحسن، مهما كانت صغيرة، انتصارًا شخصيًا.
وهذا الأسلوب في النظر إلى الحياة يعزز الثقة، ويحفظ القلب من الغيرة والحسد، ويجعلك أكثر تركيزًا على رحلتك الخاصة بدل الانشغال بطريق غيرك.
وقد أرشدنا القرآن إلى هذا المعنى حين قال الله تعالى: ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ﴾ [الحجر: 88]، فالنظر لما عند الآخرين يضعف الرضا ويشغل عن السير إلى ما عند الله. وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم» [رواه مسلم]، وهي قاعدة تربي النفس على شكر النعم، وتمنحها حصانة من المقارنات المدمرة. وفي زمن امتلأت فيه وسائل التواصل الاجتماعي مثل سناب شات وتيك توك وغيرها بمظاهر الحياة وانتقائية الصور والمقاطع، أصبحت المقارنة بالآخرين أسهل وأسرع، لكنها في الغالب تزرع الحسد وتضعف الرضا بما قسمه الله.
تذكّر قول النبي ﷺ: «ارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس»، فهو زاد للقلب يحفظه من القلق، ويجعله أغنى بالقناعة من كثير ممن يملكون المال والمظاهر.
تذكّر أن الحياة ليست خطًا واحدًا يسير فيه الجميع بنفس السرعة والاتجاه، بل هي مسارات متعددة لكل إنسان فيها قصته الخاصة. فاجعل مقياسك هو ما تحققه أنت من تقدم، لا ما يبرزه الآخرون من إنجازات، لتعيش أهدأ قلبًا وأصفى عقلًا، وأقرب إلى شكر النعم.
✍🏼 د. عبدالله بن علي العجلان
محامٍ، ومحكم، ومدرب معتمد
مستشار التطوير والتمكين للإدارات القانونية والشركات
رؤية ثلاثية تجمع بين (القانون، والقيادة، والحياة)
📱 966503140401+ (واتساب)
🌐 dr-alajlan.com